ان موقعنا على الخريطة كون أية قوة تدعي العالمية لا تملك أن تنصرف عنا انصرافا تاما (لوجودنا في مكان وعلى طريق يتسمان بصفة عالمية) وان كوننا ، فوق ذلك ، بلاد جبال ما زال التحصن فيها والدفاع عن النفس أمرين ممكنين ، وان امتلاكنا أخيرا ، بالاضافة الى المناخات الطيبة ، واجهة واسعة على عرض البحر ، قد جعلت كلها منا، بسبب ما تجلبه علينا من مخاطر ، أرض لجوء ومأوى للمضطهدين والمنبوذين ، مع ما ينطوي عليه مثل هذا الامتياز من عواقب وأثقال
... علينا ان نتذكر ان موقعنا الجغرافي يجعل منا ، في عين الغير ، مرحلة ومعقلا ذوا أهمية كبرى ، على طريق تترسخ لها صفة العالمية شيئا بعد شيء . الا ان ما يبديه الغرب وبقية العالم من اهتمام بنا له ايضا بواعث أخرى
... لبنان بلاد لاقليات طائفية متشاركة ، فلا امكان لصموده السياسي مدة طويلة من غير مجلس يكون مكان لقاء وتوحيد للطوائف ، ويباشر الاشراف المشترك على حياة الامة السياسية . فحين نلغي المجلس نكون قد نقلنا الجدل حتما الى المحراب او الى ظله ، ونكون قد اخرنا ، مدة هذا الالغاء ، سير التنشئة المدنية
... لبنان بلاد تجتازها الطريق عند مفترقها ، وقد صار ، الى حد ما ، ساحة عامة . لذا يتعين عليه ان يوطد ، بقوانينه ، بناء تقاليده ، وان يعزز بالتالي الاسرة اللبنانية بجميع الوسائل ، ويعلم أطفاله اخضاع الزمني للروحي ورخاء العيش للحرية
... ما دمنا على خط العرض الذي نقيم عليه فان اول ما يجب علينا فهمه هو النعمة العظيمة التي اسبغت علينا بوجود الجبل . هذا الجبل الذي عاد ضاحية لا اكثر ، بات علينا ، لالف سبب وسبب ، ان نعاود الصعود اليه ، من الآن فصاعدا، عوض المضي في الهبوط منه . ولنا ان نعمم فنقول انه يجب علينا التشبث بالتراب ورد الاعتبار للأرض وان نحب الفلاح ونحب معه الاشجار الكبيرة ومياه الينابيع والحقل والبستان . يجب علينا ان نغمس نفوسنا في عظمة هذه الطبيعة التي تحرم علينا الصغارات
(مقتطفات من كتاب "لبنان اليوم" الصادر بطبعته الجديدة عام 2008 عن مؤسسة ميشال شيحا)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire