mercredi 20 janvier 2010

(لكم لبنانكم ولي لبناني ( جبران خليل جبران

لكم لبنانكم ولي لبناني
لكم لبنانكم ومعضلاته ، ولي لبناني وجماله

لكم لبنانكم بكل ما فيه من الاغراض والمنازع ، ولي لبناني بما فيه من الاحلام والاماني
لكم لبنانكم فاقنعوا به ، ولي لبناني وأنا لا أقنع بغير المجرد المطلق لبنانكم عقدة سياسية تحاول حلها الايام ، اما لبناني فتلول تتعالى بهيبة وجلال نحو ازرقاق السماء
لبنانكم مشكلة دولية تتقاذفها الليالي ، اما لبناني فأودية هادئة سحرية تتموج في جنباتها رنات الاجراس واغاني السواقي
لبنانكم صراع بين رجل جاء من المغرب ورجل جاء من الجنوب، اما لبناني فصلاة مجنحة ترفرف صباحا عندما يقود الرعاة قطعانهم الى المروج وتتصاعد مساء عندما يعود الفلاحون من الحقول والكروم

لبنانكم حكومة ذات رؤوس لا عداد لها ، اما لبناني فجبل رهيب وديع جالس بين البحر والسهول جلوس شاعر بين الابدية والابدية

لبنانكم حيلة يستخدمها الثعلب عندما يلتقي الضبع والضبع حينما يجتمع بالذئب ، اما لبناني فتذكارات تعيد على مسمعي اهازيج الفتيات في الليالي المقمرة واغاني الصبايا بين البيادر والمعاصر

لبنانكم مربعات شطرنج بين رئيس دين وقائد جيش ، اما لبناني فمعبد ادخله بالروح عندما امل النظر الى وجه هذه المدينة السائرة على الدواليب
لبنانكم رجلان : رجل يؤدي المكوس ورجل يقبضها ، أما لبناني فرجل فرد متكئ على ساعده في ظلال الارز وهو منصرف عن كل شيء سوى الله ونور الشمس
لبنانكم مرافئ وبريد وتجارة ، أما لبناني ففكرة بعيدة وعاطفة مشتعلة وكلمة علوية تهمسها الارض في أذن الفضاء
لبنانكم موظفون وعمال ومديرون ، أما لبناني فتأهب الشباب وعزم الكهولة وحكمة الشيخوخة لبنانكم وفود ولجان ، أما لبناني فمجالس حول المواقد في ليال تغمرها هيبة العواصف ويجللها طهر الثلوج

لبنانكم طوائف وأحزاب ، أما لبناني فصبية يتسلقون الصخور ويركضون مع الجداول ويقذفون الاكر في الساحات

لبنانكم خطب ومحاضرات ومناقشات ، أما لبناني فتغريد الشحارير ، وحفيف أغصان الحور والسنديان ، ورجع صدى النايات في المغاور والكهوف

لبنانكم كذب يحتجب وراء نقاب من الذكاء المستعار ، ورياء يختبئ في رداء من التقليد والتصنع ، أما لبناني فحقيقة بسيطة عارية اذا نظرت في حوض ماء ما رأت غير وجهها الهادئ وملامحها المنبسطة

لبنانكم شرائع وبنود على أوراق ، وعقود وعهود في دفاتر ، أما لبناني ففطرة في أسرار الحياة وهي لا تعلم انها تعلم ، وشوق يلامس في اليقظة اذيال الغيب ويظن نفسه في منام
لبنانكم شيخ قابض على لحيته ، قاطب ما بين عينيه ولا يفكر الا بذاته ، اما لبناني ففتى ينتصب كالبرج ، ويبتسم كالصباح ، ويشعر بسواه شعوره بنفسه


(المجموعة الكاملة لمؤلفات جبران خليل جبران العربية – البدائع والطرائف – ص 520 حتى 524 )

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire